القصة تسعير الجنيه المفقود 999:
داخل أحد محلات الملابس الشهيرة في وسط المدينة، وفي ساعة متأخرة قبيل منتصف الليل، أُعلن عبر الميكروفون أن المتجر سيغلق أبوابه قريبًا. بدأ الزبائن الذين جاءوا للتسوق في يوم العطلة الأسبوعية بالتوجه إلى الكاشير. الحركة الساكنة كانت تسود المكان حتى تحول الوضع إلى حالة من الجدل بين أحد الزبائن والبائع. الزبون اشترى منتجات بقيمة 999 جنيه وطلب باقي الألف الذي دفعه، ولكن الجنيه المفقود لم يكن موجودًا. هنا، ظهر تساؤل هام: لماذا يستخدم المتجر هذه التسعيرة طالما أنهم لا يملكون فكة لإرجاع الجنيه؟
انتبه الجميع للجدل، وبدأت الشكوك تساور العقول حول السبب الحقيقي لهذا النوع من التسعير. هل هو نوع من التهرب الضريبي، كما يشير البعض؟ أم هي حيلة تسويقية خادعة؟ وأثناء التفكير، جاء الرد من البائع، الذي بدا عليه التردد والتلعثم، دون أن يفصح عن السبب الحقيقي.
السر الحقيقي وراء تسعيرة الجنيه المفقود:
اتضح أن هذه التسعيرة ليست صدفة، بل هي جزء من استراتيجية تسويقية ذكية تُعرف باسم "تأثير السعر النفسي". هذا النهج يهدف إلى استغلال العقل الباطني للمستهلك وتحفيزه على الشراء بناءً على عدة عوامل نفسية.
1. التأثير النفسي على المستهلك:
عندما يرى المستهلك سعرًا مثل 999 جنيهًا، يميل عقله إلى التركيز على الرقم "900" بدلاً من "1000". بالرغم من أن الفارق جنيه واحد فقط، إلا أن السعر يبدو أقل بكثير في ذهن المستهلك. هذا التأثير النفسي يجعل المنتج يبدو أكثر جاذبية ويزيد من احتمالية شرائه.
2. الشعور بالحصول على صفقة جيدة:
الأسعار التي تنتهي بالرقم 9 تمنح المستهلك شعورًا بأنه حصل على صفقة أفضل. فعندما يرى المستهلك أن السعر 999 جنيه بدلاً من 1000، يشعر بأن الفارق كبير حتى لو كان جنيهًا واحدًا فقط. هذا الشعور بالرضا يعزز من رغبة المستهلك في الشراء ويزيد من مبيعات المتاجر.
3. تعزيز القرارات العاطفية:
تشير الدراسات إلى أن قرارات الشراء غالبًا ما تكون عاطفية. الأسعار التي تنتهي بالرقم 9 تستغل هذا الجانب العاطفي، حيث تجعل المستهلك يشعر وكأنه يستفيد من عرض خاص أو فرصة نادرة. هذا التأثير العاطفي يدفع المستهلك لاتخاذ قرار الشراء بشكل أسرع دون التفكير العميق في القيمة الحقيقية للمنتج.
4. تأثير التسعير الجذاب على الانطباع العام:
استخدام هذه التسعيرة بشكل متكرر عبر منتجات مختلفة يُعزز الانطباع الإيجابي عن المتجر. يبدو للمستهلكين أن المتجر يقدم أسعارًا تنافسية، مما يساهم في تعزيز ولاء العملاء ويشجعهم على العودة للتسوق مجددًا.
5. التميز في السوق:
في سوق مليء بالمنافسين، قد يكون لتسعير المنتجات بهذا الشكل دور مهم في جذب العملاء. عندما يُخفض التاجر السعر بمقدار جنيه واحد فقط مقارنة بالمنافسين، يمكن أن يكون ذلك كافيًا لتحفيز المستهلك على اختيار منتجه دون غيره.
هل هناك تهرب ضريبي؟
البعض قد يعتقد أن تسعيرة 999 جنيه هي وسيلة للتهرب من الضرائب، حيث يتم تحديد الضريبة بناءً على شريحة سعرية معينة. ولكن عند مراجعة الفاتورة، نجد أن السعر يشمل الضريبة بالفعل، مما يثير التساؤل حول الهدف الحقيقي من هذه التسعيرة.
خاتمة:
استراتيجية التسعير التي تنتهي بالرقم 9، مثل 999 جنيهًا، هي حيلة تسويقية ذكية تستند إلى علم النفس. تهدف إلى جعل الأسعار تبدو أقل في أعين المستهلكين، مما يزيد من جاذبية المنتج ويُحفز قرارات الشراء. في النهاية، هذه التسعيرة قد تبدو بسيطة، ولكن تأثيرها على المستهلكين كبير، حيث تساعد في تعزيز المبيعات وبناء ولاء العملاء.
ومن خلال تجربتي الشخصية، لاحظت أن بعض المتاجر لا تعيد الجنيه المفقود عند الدفع، ولكن في حالة إرجاع المنتج، يتم خصم هذا الجنيه من المبلغ المسترد، مما يجعل الموقف مثيرًا للسخرية!